القيمة والمعنى لـ «هبة الله»
يشن البعض هجوماً على ما يسمّى بـ "عيد الحب" أو "عيد فالنتين"، ولا يعرف كثيرون سبب هذه التسمية، وهو في الحقيقة عادة احتفالية يرجع تاريخها - في بعض الروايات - إلى القرن الثالث الميلادي، أحياءً لذكرى رجل روماني كان يبرم عقود الزواج سراً لجنود الحرب الذين مُنعوا من ذلك حتى لا ينشغلوا بالزواج عن الحروب، حتى افتضح أمر ذلك الرجل وحكم عليه بالإعدام، فجعلوا يوم إعدامه عيداً وذكراً يتهادون فيه الورود ورسائل الغرام، وهو في الوقت الحاضر يعد يوم عيد للعشاق يعبرون عنه من خلال اللون الأحمر في لباسهم وورودهم".
لكن في "كتابي" هذا لا أتعرض لعيد فالنتين وانما اتعرض للفكرة ذاتها من حيث القيمة والمعنى وما الذي يجب علينا فعله أو العمل به ليس في يوم بعينه بل في كل ايام حياتنا.
فالحب هبة من الله يمن بها على من يشاء... حيث يتصف المحب بالعطاء والتسامح والرحمة... ويمنح الحب الشعور بالهدوء والنشوة والأمان والسعادة والاسترخاء وتحقيق الذات... كما أنه البدايات ونهايتها.
السؤال هنا... كيف نتعامل مع تلك الهبة؟
بالحب نكون قادرين على تحقيق اهدافنا وطموحاتنا... أليس الحب هو الذي يفجر ما بداخلنا من فضائل؟ طبعاً أنا أتحدث عن المفترض أن يكون عليه المحب أو ما يجب عليه فعله إرادياً ولا إرادياً.
وعلى الجانب السلبي هناك من يستغل أو يعمل تحت ستار وأصبح يستعمل الحب وسيلة لتحقيق غاية ومطمع، وهو بهذا كمن يتلاعب بنعم الله التي انعم الله بها علينا ولم يكن أميناً على ما وهبه الله من هذه القيمة السامية، فهو كمن طبع الله على قلبه فأصبح لا يعي ولا يرى.
وهناك من يراوده الحب بين حين وآخر، لكنه لم يصل إلى ماهيته وقيمه وكيفية التعايش بها ولها.
ولهذا فالحب هو اللغة التي يجب علينا الآن تعلمها والتحدث بها بدلاً من تلك اللغة التي سادت عصرنا اليوم، لغة الماديات وغلبة المصالح الشخصية وفوضى الحياة التي نحياها الآن... ماذا يحدث اذا ما حاولنا استعادة تلك الهبة وجعلناها شعاراً نحتفي به، ليس ليوم واحد فقط بل مدى الحياة؟ فالحب ليس له يوم بعينه بل يجب أن تكون أيام السنة بل أوقات عمرنا كلها حب.
ولهذا يجب علينا ان نتصالح مع أنفسنا ونسمو بها فوق كل غريزة او شهوة... نتصارح معها ونعرفها ونعطيها حقها وقدرها، نتعلم كيف نكون قادرين على العطاء دون انتظار أي مقابل لأي إنسان قريب منا او غريب عنا... فيكون العطاء من أجل العطاء ذاته وليس من اجل تحقيق غاية أو مصلحة... ان نرحم انفسنا ولا نحملها فوق طاقتها، وبالتالي سنكون رحماء فيما بيننا ولن نحمل الغير ما لا يستطيعونه، فتعم بيننا الرحمة ويشملنا الله برحمته وهو ارحم الراحمين... وهذه الرحمة بيننا وبين انفسنا او بيننا وبين بعضنا البعض لن تتحقق إن لم نكن قادرين أولاً على تحقيق صفة التسامح وان تعم بيننا روح التسامح الدائم... فلنسامح انفسنا على ما ارتكبناه في حقها من أخطاء، ولتكن لدينا القدرة على مسامحة الآخر على ما ارتكبه في حقنا من أخطاء... فلا يوجد بيننا من لا يخطئ، فنحن بشر ومن طبيعتنا الوقوع في الخطأ، وهل منا من لم يخطئ في حياته؟ فإذا كنت تريد من الآخر ان يسامحك على خطأ ارتكبته في حقه بقصد او من دون قصد، فلا بد ان تبادر انت أولاً بالعفو عن كل من أخطأ في حقك، وخاصة من تحب او من يحبونك... فتعم بيننا تلك الروح التي نحن في أمسّ الحاجة إليها الآن.
فعلينا أن نبدأ بالاعتذار لكل من أخطأنا في حقهم وأسأنا فهمهم وأدرنا لهم ظهورنا من احباء واصدقاء ومعارف واقارب... علينا ان نمد ايدينا بالسلام والمودة لكل من خالفنا واختلافنا معه... لكل من تنازعنا معه من أجل مصلحة مادية كانت او شخصية، فبمعرفة المعنى الحقيقي للحب وبفهم صفاته ومفرداته وقيمه تستقيم الحياة وتستقر... فالحب هو اكسير الحياة وبدونه لا يكون للحياة وجود... هو جوهر الاديان السماوية وهو شرط من شروط الإيمان كما في الحديث الشريف "لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه".
لم يتبق لي اخيراً إلا كلمة اقولها لكل من عرفتهم وتعاملت معهم على مر السنين من اصدقاء وزملاء ومعارف وأقارب وأحباء منهم من زال على قيد الحياة ومنهم من توفاه الرحمن، منهم من لا زالت علاقتي به مستمرة ومنهم من باعدت بيننا الحياة ومشاغلها... إلى هؤلاء جميعاً أتقدم باعتذاري وأسفي على كل ما سببته لهم من اذى او ازعاج او سوء فهم او أخطأت في حقهم، آملاً أن ألقاهم وقد منُّوا علي بالتسامح والتصالح.
خاطرة:
لم يتسنَ لي الوقت
كي ارسل باقة ورد
تعبر عما يختلجني من مشاعر
فاطلقت العنان لقلمي
فنثر الورد على سطور اوراقي
ينقل قليلاً مما يمتزج في صدري
عسى ان يصل إليكِ
فيقرأوه العالم ويتعلمُ
معنى الحب وقيمته كما تعلمتها منكِ
فكل يوم وأنتِ الحب
يا وحي الحب وملاكه
لأنك السبب في بث ّ الحب ونشره في الدنيا وإشاعة السلام فأنا أحبك حتى لو عاتبتك لا يعني عدم الحب ولكن حياتي هي بسبب وجودك يا سيد الحب والسلام