يظهر جميع الأطفال قدراً من النزعة العدوانية, ولكن ليس جميع الأطفال عدوانيين، إذ يتفرد الطفل العدواني بجملة من الخصائص التي تميزه عن الأطفال الآخرين، فالطفل العدواني يدرك أنه يلحق الأذى بالآخرين، وهو لا يمارس النزعة العدوانية كوسيلة للعب أو للاستيلاء على ما يمتلكه الأطفال الآخرون، أو للدفاع عن نفسه, ولكنه يمارس العدوانية حباً في إيذاء الآخرين، وهذا يحدث في أي عمر، وبالرغم من أن جميع الأطفال يمارسون العدوانية من وقت إلى آخر فإن معظمهم يندمون على هذا السلوك، ويعبرون عن الندم، أما العدوانيون فهم لا يأسفون عما يفعلون، ويبدو أنهم يستمتعون من الإزعاج الذي يسببونه للآخرين، وهم يجدون في ممارسة العدوانية تعزيزاً لإحساسهم بالثقة، وتحقيق الذات.
ويمارس الطفل العدواني سلوكه غير السوي كلما سنحت له الفرصة فوجد طفلاً لا يستطيع الدفاع عن نفسه، فينزل به كل ما يستطيع من ضروب العدوان البدني واللفظي، والطفل العدواني طفل كبير الحجم، وقوي البنية يثير وجوده الرعب في قلوب الأطفال الآخرين، ولكن من الواضح أنه ليس كل طفل كبير الحجم وقوي البنية طفلاً عدوانياً، وفي بعض مراحل التطور البدني والنفسي يبدي جميع الأطفال ميلاً إلى العدوانية، وهذا جزء من عملية النمو الطبيعي، فالطفل يحاول أن يعرف بالتجربة إلى أي مدى يسمح له بممارسة العدوانية، وعلى هذا الأساس يعدل من سلوكه، وهذا يعني أنه عند كل الأطفال استعداد لأن يكونوا عدوانيين.
وقد يكون للعدواني خصال أخرى جديرة بالتشجيع والإعجاب، فقد يكون ذكياً، وقد يتصرف تصرفاً حكيماً أثناء وجود المرشدين أو المشرفين، ولكنه إذا ترك وشأنه فإنه يمارس سيطرته على من يجدهم أضعف منه، وهو يثير الخوف في قلوب الأطفال الآخرين لميله الدائم إلى التسبب في إزعاجهم وإشعارهم بالضعف، وحتى إن لم يكن موجوداً ترى زملاءه يخشون خطره.
ويلجأ العدوانيون إلى أساليب أخرى من السلوك غير المقبول اجتماعياً، فهم يسرقون ممتلكات المدرسة أو يتلفونها، ويتشاجرون مع المعلمين والإداريين، وهم يشجعون الأطفال الآخرين على اكتساب موقف سلبي من المدرسة، وهم السبب الرئيسي في دفع الأطفال الآخرين إلى التغيب عن المدرسة، وقد يصاب العدوانيون والضحايا أيضاً بمشكلات نفسية خطيرة, فهم قد يصابون بالاكتئاب المرضي لشعورهم بالذنب, وعندما يبلغون سن المراهقة تجدهم قد انعزلوا عن المجتمع، ولذلك فإنهم إذا لم يتلقوا ما يكفي من المساعدة الطبية والنفسية والاجتماعية قد ينقلبون إلى لصوص ومجرمين حقيقيين.
وسيتبع إن شاء الله بموضوع الطفل العدواني في المدرسة عن قريب إن شاء الله .